العارف الرباني آية اللّه الكربلائي السيد أحمد النجفي دام ظلّه

*حركة الممكنات من الفعل والصفة إلى الذات*

تتجه حركة جميع الممكنات من دون استثناء من الفعل إلى الصفة ومن الصفة إلى الذات. بمعنى أنه إذا أراد أحد أن يصبح عبداً، عليه أن ينطلق من الفعل باتجاه الصفة، بحيث أن عليه الإتيان بالعبادة إلى درجة يتحقق فيها بهذا الفعل الصادر عنه ليصبح عبداً بعد ذلك.

سأضرب لكم مثالاً لتوضيح هذا المطلب: إذا أراد أحدهم أن يتحقق بصفة "الكاتب"، عليه أن يقوم بالكتابة أولاً إلى أن يصبح هذا الفعل ناجماً عنه وبعد ذلك يُمنَح صفة الكاتب. فهو لا يكون كاتباً في البداية، بل يصبح كذلك بعد أن يكتب. وعليه، فإن الكتابة فعل والكاتب صفة. [...]

وكذلك الأمر، إذا أراد الإنسان أن يصبح مصلياً، إذ عليه أولاً أن يصلي حتى تُطلق عليه صفة المصلي. فالصلاة فعل والمصلي صفة. وبالتالي، على المرء أولاً أن يمارس العبادة حتى يتصف بالعبودية بعد ذلك. وعندما تتحقق الصفة في شخص ما، تسري حينئذ إلى الذات. فعلى سبيل المثال، يُسمى أحدهم مؤمناً لأنه اتصف بالإيمان ووصلت هذه الصفة إلى ذاته، فتعبير "المؤمن" بحد ذاته صفة.

*حركة الذوات المقدسة إلى الصفة والفعل*

ولكن وعلى نحو خاص، هناك في عالم الوجود مَن ينتقل مِن الذات إلى الصفة ومن الصفة إلى الفعل، أي أنهم لا يصلّون أولاً حتى ينالوا صفة المصلين، بل هم مصلّون ولذلك يؤدون الصلاة. كما أنهم مؤمنون من البداية، ثم يصدر عنهم، بعد ذلك، فعل الإيمان.

فالذات المقدسة لرسول الله صلى الله عليه وآله لا يسري عليها الشكل الذي ذُكر أولاً، إذ لم تصدر عنه صلى الله عليه وآله الأفعال العبادية في البداية لتظهر فيه بعد ذلك الصفات الإنسانية ويصبح عبداً لله، بل إنه تحلّى أولاً بصفة الإيمان وبعد ذلك صدر منه فعل الإيمان.

لم يَصِل رسول الله صلى الله عليه وآله ب {قل هو الله أحد} إلى كمال التوحيد، إنما كان موحّداً بنفسه. ورسول الله صلى الله عليه وآله كان مدركاً بذاته لحقيقة التوحيد وبعذ ذلك كان موحداً بالصفة ثم قال: {بسم الله الرحمن الرحيم* قل هو الله أحد}. كان عارفاً بالله أولاً وبعد ذلك صدر منه هذا الكلام. ولكن الآخرين ليسوا على هذه الشاكلة، إذ إنهم لا يصيرون موحّدين إلا إذا تمكّنوا من إيجاد طريق التوحيد بواسطة هذه الآية الكريمة. وهنا يتضح الفرق الأساسي بين هذه الذوات النورانية وبقية الممكنات في عالم الوجود...

من نفحات العارف الرباني آية اللّه الكربلائي السيد أحمد النجفي دام ظلّه، في كتاب حسين سيّد الشهداء حقيقة بلا انتهاء ص٢٢٣-٢٢٥

---------------------------

https://mobile.twitter.com/agha_najafi

http://t.me/aghanajafi

https://m.facebook.com/NajafiAgha

https://www.instagram.com/agha.najafi

http://aghanajafi.blogspot.com